حقائق خفية في القرآن والتاريخ

Script:DoSizeHdr

Start of Body

Script:PrintURL

 

رستاو عين الشمس، وأصول الديانة المصرية القديمة

تأليف: عيسى عبدالرحمن السركال
الشارقة، الامارات العربية المتحدة
تاريخ النشر: 18 ابريل 2015 (آخر تحديث: 2 اكتوبر 2016)


توجد نسخة انجليزية من هذا الموضوع على الرابط التالي:
hiddenfact.com/ra.htm
وكذلك توجد صفحة فيسبوك انجليزية خاصة بها:
egyptian.religion

النسخة الاجنبية تختلف كثيرا عن العربية.. يرجى الاطلاع على النسخة الاجنبية لمن لديه اهتمام بالموضوع

ربما يظن البعض أن فك رموز اللغة المصرية القديمة (الكتابة الهيروغليفية)، وترجمة نصوصها، قد كشف عن معتقدات الديانة المصرية القديمة كلها. الحقيقة هي ان معرفة الكتابة الهيروغليفية قد أظهرت جزءا من "تاريخ" مصر القديمة وسيرة ملوكهم، أمّا ديانتهم فلا يزال الكثير منها الى اليوم طلاسم ورموز مبهمة. وما هو معروف ومتداول عن تلك الديانة هو ما كتبه المؤرخين الاغريق عنها. حتى أن أسماء ألهتهم المستخدمة حاليا هي الاسماء الاغريقية. ولولا كتابات الاغريق لما عُرف من تلك الديانة شيئا يمكن فهمه!

السبب في ذلك عائد الى ان كتاباتهم الدينية قد كتبوها لأنفسهم، وليس للغرباء. وهم يعرفون ديانتهم بالتواصل الشفهي. وما يُعرف بالبرديات هي عبارة عن أدعية وابتهالات توضع في كفن الميت، ظنّا منهم أن الميت سوف يقرأ ما في تلك الصحف بعد موته، ولكن لا يوجد فيها شرح وتفاصيل عن الديانة بحد ذاتها، ولابد من استنباط مفاهيم الديانة من الادعية التي تقرأها.

بالاضافة للبرديات، يوجد ما يسمى بنصوص الاهرامات (Pyramid Texts)، وهي النصوص المكتوبة على جدران الاهرامات والمقابر والمعابد، وليس الاهرامات فقط.

وبجانب نصوص البرديات ونصوص الاهرامات والأكفان، تأتي الرسوم. وهي تشبه رسوم الكاريكاتير في عصرنا هذا. فإذا كان المُطلع على الرسم لا يعرف ما يدور في ذهن الرسام، فلن يعرف المقصود من الكاريكاتير. وكذلك من يقرأ نصا من غير معرفة الشخصيات أو المعالم أو المعتقدات التي يذكرها النص، فلن يتمكن من معرفة المقصود بالضبط.

وبالاضافة الى ما هو موجود في التراث المصري ، فقد كتب المؤرخين الاغريق عن جوانب في تلك الديانة، ومن الخطأ اهمال ما كتبوه، وذلك انهم عاشوا في زمن كانت فيه الديانة قائمة. ولابد من الجمع بين كل هذا الركام حتى تخرج بنتيجة معقوله.

أمّا النظر من جانب واحد فقط، كالنص المكتوب مثلا، فلن يأتي بنتيجة صحيحة. إذا كانت التراجم بين اللغات الحية المتداولة لا تسلم من الاخطاء، فما بالك من ترجمة لغة منقرضة أكل عليها الدهر وشرب.

لا يوجد شيئ اسمه ترجمة حرفية كلمة بكلمة وحرف بحرف، في كل لغات العالم، وذلك ان الكلمات في كثير من الاحيان تأخذ أكثر من معنى، ولابد من معرفة أفكار الكاتب أو ثقافة القوم الذي ينتمي لهم حتى يمكن اختيار المعنى المناسب للكلمة المترجمة والتعابير المستخدمة.

عدم وضوح الرؤية، وغياب الفكرة، تمثلان حجر عثرة أمام أي مترجم. الصورة المقابلة مثالا وليست حصرا. وهي من كتاب الموتى المصري لـ (واليس بدج). هذا الكتاب نقله للعربية فيليب عطيه، وأسماه: "كتاب الموتى الفرعوني". هذه الصورة من ترجمة عطية، فصل 81، ص 90. تعليق المؤلف موجود تحت الصورة منسوخ من الكتاب: "رأس انسان يبزغ من زهرة لوتس على بحيرة ماء". وهو نفس ما كتبه بدج:

"A human head springing from a lotus in a pool of water." - Budge, Book of the Dead, Vol.1, p.310

لا تحتاج الى تراجم برديات هيروغليفية حتى تعرف ان هذا الرجل موجود في زهرة لوتس، ولابد للزهور ان تكون في الماء!

السؤال الان: لماذا هذا الرجل يجلس في زهرة؟

إذا كان هواة الرسم لا يرسمون الا للتعبير عن أفكار وخواطر، فهل يُعقل ان أولئك الذين كان الرسم عندهم "دين" قصدهم من هذا الرسم هو فقط ما يظهر في الصورة، انسان في زهرة؟ لمعرفة المقصود من الرسم لابد من معرفة ماذا تعني الزهرة بالنسبة لهم، وهل هذا الماء هو فعلا بحيرة أو شيئ ثاني، وهل هذا الرجل حي أو ميت؟ مستحيل الاجابة على هذه الاسئلة بمجرد النظر الى صورة واحدة فقط، ولابد من دراسة محتوياتها كل واحد على حدة.

The sun springing from an opening lotus flower in the form of the child Horus.
الاله رع يُولد من زهرة لوتس من عين الشمس في واحة سيوه

بالنظر الى النصوص المترجمة نجد ان الديانة قائمة على أوزايريس، وهو في الديانة المصرية مثل يسوع في الديانة المسيحية: "معطيا الحياة الابدية لكل من آمن به" (بدج، القاموس، الجزء الاول، ص 83)

"giver of immortality to all who believed in him." (Budge, Ditionary, Vol.1, p.83)

رحلة العالم السفلي التي ينتقل فيها الموتى مع إله الشمس، في زورق الشمس، من الدلتا الى أمنتي هي تقليد لرحلة أوزايريس (سنرى تفاصيلها لاحقا).

فإذا عرفت الدور المهم الذي يلعبه أوزايريس في الديانة المصرية، فقد أوجدت قاعدة تحتكم اليها وترد اليها الغامض من النصوص.

الشيئ الثاني هو عين الشمس، وهذه اضاعها الباحثون ومروا عليها مرور الكرام. ولو لم يضيعوها، لما قالوا عن الصورة في الاعلى "انسان في زهرة".. ذلك الرجل مثل الاله رع في الصورة المقابلة، يطلع من زهرة مزروعة في عين الشمس، في ارض الموتى، في واحة سيوه، بعد أن اجتاز رحلة العالم السفلي.

كان لدى المصريين عينين للشمس، احداهما في هليوبولس القديمة، والثانية في واحة سيوه. مدينة عين شمس الحالية كانت جزء من هليوبولس القديمة، ومن المحتمل جدا انها اخذت الاسم من عين الشمس التاريخية.

"تحتوي مدينة هليوبولس على النظير الارضي لشجرة الجنة، شجرة الپيرسيا المقدسة، و«البئر المقدسة»، والتي تسمى الى يومنا هذا بئر الشمس «عين شمس»، ويُعتقد ان الشمس إمّا انها تأتي للسباحة فيها صباحا ومساءا، أو أنها وُلدت فيها في بداية الخلق، عندما طلعت من الجحيم." -- (دبليو ماكس مولر، الميثولوجيا لكل الاجناس، الجزء 12، ص 31).

"Heliopolis contained the earthly proxy of the tree of heaven, the holy Persea, and the sacred well which to this day is called "the Sun's Well" ('Ain Shams) and in which the sun was believed either to bathe himself morning and night or to have been born at the beginning of the world, when he arose from the abyss." (W. Max Muller, The Methology of All Races, Vol.12, P.31)

الاقتباس في الاعلى يلخص التصورات الحالية عن عين الشمس التي كانت موجودة في هليوبولس القديمه: إمّا ان الاله رع (الشمس) ولد فيها في بداية الخلق، أو انه يأتي للسباحة فيها صباحا ومساءا. وتوقفت دراسة عين الشمس على هذه الفرضية وانتهى امرها.

 


  مجموعة من الالهة والبشر يخرجون من زهرة لوتس، يتقدمهم الاله رع (الشمس)، وكل واحد منهم في زهرة مستقلة.

ولماذا يجلس هؤلاء في الصورة اعلاه في زهور اللوتس، وعلى هيئة اطفال؟ رمز الطفل يعني الولادة من جديد. وبما انهم في زهرة، فالتفسير انهم يولدون من زهرة، جميعهم وليس إله الشمس فقط ، وكل واحد منهم في زهرة مستقلة. زهور اللوتس الازرق التي قدسها المصريون كانت من النوع الذي يغطس في الوحل بعد غروب الشمس، وتطلع منه عند فجر اليوم التالي قبل الشروق. يدخلون الى العالم السفلي عندما تغطس الزهرة في عين الشمس في هليوبولس القديمة، ثم يبحرون في زورق العالم السفلي مع الاله رع الى الموقع الذي فيه أوزايريس، والذين يجتازون المحاكمة يخرجون من زهور اللوتس من العين الثانية في حديقة معبد أمون في واحة سيوه، وهؤلاء هم الفائزون بالحياة الابدية.
 


1. زورق العالم السفلي يرسي على عين الشمس وفيه يولد حورس على هيئة طفل صغير
2.  الشمس تطلع من عين الشمس

 

الصورة على اليمين اعلاه صورة فوتوغرافية لعين الشمس في واحة سيوه في حديقة معبد امون. وهذا معلم تاريخي لا يزال موجودا الى الان. ومن هذا المكان كانوا يعتقدون بخروج الاله من العالم السفلي. في الرسم تبدو وكأنها مبنية بالحجارة، وكذلك على الطبيعية. في أغلب الرسوم لا يظهر منها الا الجزء المرئي المرتفع فوق سطح الارض كما في الصور ادناه.



 صور مُبَسطة من مشاهد العالم السفلي في ساعة الخروج من تحت الارض

كانت الشمس في ثقافتهم مُذكر، وهو الإله رع. وكان له روح وجسد.. جسده هو قرص الشمس. وكانوا يعتقدون انه يموت في آخر اليوم، فتنفصل روحه عن جسده. كلمة "رع" تعني الشمس، وبغض النظر سواءا كان الحديث عن قرص الشمس أو روح الشمس. مثل الانسان لا فرق في اسمه بين روحه وجسده، فقد كانت الشمس بالنسبة لهم اسمها (أو بالاصح أسمه) رع، ولا فرق في الاسم بين روحه وجسده.
 


الصورة في الاعلى صورة مركبة توضح ما يحدث لقرص الشمس، وهو القرص الاحمر في الصورة. انظر لحركة الشمس من اليمين الى اليسار. في الجزء العلوي من جسد آلهة السماء نوت (Nut) ترى قرص الشمس بين نجوم، وهذا هو الليل. وفي الصباح التالي تلد نوت قرص الشمس من فرجها، فيأتي "الصقر" الظاهر في الصورة على الجهة اليسرى، الخارج من عين الماء، وهو رمز "روح" الاله، ويتجسد في القرص (على شكل جعران مجنح). وهنا يبدأ النهار. يمر القرص في النهار من تحت بطن نوت، تتبعه الالهة في زورق رع (زورق الشمس). تضيئ الدنيا ويذهب الناس الى أعمالهم. وفي نهاية اليوم تبتلع نوت قرص الشمس من فمها، فيعود القرص الى داخل جسدها مرة أخرى، بينما تذهب الروح الى العالم السفلي.


سنرى الان قصة أوزايريس حتى نعرف أصول الديانة. القصة في الاسفل من كتاب اصدره المتحف البريطاني، وهو ملخص من ما كتبه المؤرخ الاغريقي بلوتارك، وهو من مؤرخي القرن الثاني الميلادي، عاش في زمن كانت ديانتهم موجودة.


رسم تخيلي حديث لأوزايريس وزوجته أيزيس

"كان لأوزيرايس شقيق توأم يسمى سيت، ويسميه بلوتارك سيث، وكان غيورا جدا من أخيه، ولا يضيع فرصة في تقويض سلطته، وكان يتمنى ازالته من طريقه، لكي يجلس على عرشه ويأخذ زوجته. وبعد فترة تمكن سيت من قتل أوزايريس، وذلك بإغراقه في النيل. سحب النهر جثة أوزايريس الى مستنقعات البردي في الدلتا، ثم أودعته المياه تحت أغصان شجرة السنط ، فكبرت الشجرة حوله وأخفته تحت اغصانها --- أيزيس، وبوسائل سحرية، اكتشفت المكان الذي فيه جثة زوجها، فذهبت الى المكان وأخذت الجثه. أرادت الذهاب الى ابنها حورس لكي تحثه على الانتقام لوالده من سيت. أخفت الجثة في مكان سري، وذهبت الى حورس في مدينة بتو. أثناء غيابها، وبينما كان سيت يتصيد في ليلة ما، وجد جثة أوزايريس وتعرف عليها، فقام وقطع الجثة الى 14 قطعه، ووزع القطع في انحاء متفرقة من البلد. سمعت أيزيس بما فعله سيت، فذهبت تجمع القطع، وحيثما وجدت قطعه، بنت في مكانها مزار. الان أيزيس ساحرة كبيرة، فقد تعلمت من تحوت اقامة الطقوس السحرية، وكلمات تعطيها طاقة قويه. كانت قادرة على تحويل نفسها الى أي نوع من المخلوقات، وتتنقل خلال الارض، الهواء، النار، أو الماء، وبنفس السهولة. بتعليمات من والدته، قام حورس مع مجموعة من اتباعه بعمل مراسيم الدفن لوالده، وكان لها تأثير في قيامة والده من الموت، ثم تنصيبه ملكا على أمنتي، المكان الخفي، أو العالم الآخر." (دليل المجموعات المصرية في المتحف البريطاني، ص 138 - 139)

"Osiris had a twin brother called Set, the SETH of Plutarch, who was very jealous of him, and who lost no opportunity of undermining his authority and reviling him, for he wished to see Osiris removed from his path, so that he might seize his brother's throne and wife. At length, by a stratagem, he managed to kill Osiris, by drowning him in the Nile. The river, however, carried the dead body of Osiris to the papyrus swamps in the Delta, where the waters deposited it on the lower branches of an acacia tree, which grew up round it and concealed it. Isis discovered, by magical means,where her husband's body was, and went to the place and took possession of it. Wishing to visit her son Horus, so that she might urge him to take vengeance on Set, she hid the body in a secret spot, and went off to the city of Buto to Horus. During her absence, Set found the body one night when he was out hunting, and recognizing it, he tore it into fourteen pieces, which he scattered about the country. Isis, having heard what Set had done, set out and collected the portions of the body of Osiris, and wherever she found one of them she buried it, and built a shrine over it. Now Isis was a great enchantress, and she learned from Thoth the knowledge of magical ceremonies and of most potent words of power. She was able to transform herself into any kind of creature, and to travel through earth, air, fire, or water with equal ease. Instructed by his mother, Horus, with the assistance of a number of his "followers," performed a series of ceremonies connected with the burial of his father, which had the effect of raising Osiris from the dead, and of establishing him as king in Amenti, i.e., the " Hidden Place," or the Other World."
(Guide to the Egyptian collections in the British Museum, P.138-139)

وماذا حدث بعد أن تم تنصيبه ملكا على أمنتي، الارض الخفيه؟ نجد جانب آخر من القصة في التراث المصري. فنقرأ في قاموس «واليس بدج» ما يلي: "أزار (Asar) ... أغرقه أخاه في النهر وتشوه جسده، ولكنه قام من الموت. وبعد أن أعلن الآلهة انه بريئ من جميع التهم التي اتهمه إياها سيت، قاموا بتنصيبه ملكا على الموتى، ومعطيا الحياة الابدية لكل من آمن به." (بدج، القاموس، الجزء الاول، ص 83)

"Asar... He was drowned in the Nile by Set and suffered mutilation, but he rose from the dead, and having been declared by the gods innocent of the charges brought against him by Set, became King of the Dead and giver of immortality to all who believed in him." (Budge, Ditionary, Vol.1, p.83)

نحن الان عرفنا أصول عقيدتهم، ونواة هذه العقيدة أوزايريس، تم تنصيبه ملكا على الموتى، معطيا الحياة الابدية لكل من آمن به.

الاقامة من الموت التي وردت في القصة هي إقامة روحية وليست جسديه.

أوزايريس قتل في الدلتا، أو ان النهر جرفه للدلتا، ثم تم تنصيبه ملكا على أمنتي (وتلفظ أيضا أمنتا وأمنتت)، ومعناها الارض الخفيه.

وهل هي صدفة ان تكون مدينة هليوبولس، الموجودة في الدلتا، الارض التي قتل فيها أوزايريس، أعظم الاماكن المقدسة في ديانتهم؟

والان: ما هذا المبنى الجميل الظاهر في الصورة على اليسار؟

هذه هي عين الشمس ، رستاو. كتب عنها احد مترجمي البرديات انها بوابة السماء الى العالم السفلي. الحروف الهيروغليفية في اعلى الرسم تلفظ رستاو. سوف نعود لها لاحقا لنرى ما كتبه عنها المترجم.

واذا عرفنا ان رستاو هي المدخل الى العالم السفلي، ثم تعمقنا في دراستها، فسنرى انها ليست سوى عين الشمس.

لقد وضع قدماء المصريين لعين الشمس تصورات وتخيلات، وقسموها الى طوابق وأقسام، فيها نقاط تفتش، وثعابين، وجن، وعفاريت.

الجزء الظاهر منها فوق الارض (الخطوط العمودية في الصورة) هو عين الشمس، ولكن التشكيلة وما فيها من أقسام تسمى رستاو.

هذه بعض بوابات التفتيش أو الدخول الى الاقسام المختلفة في راستاو
(Peter Renouf, Book of the Dead, Ch.cxlvii, p.296 - 298)

"ولقد مررت على تفتيش الإله الذي وجهه خلفه، الذي كافأني بالسماح لي بالنظرالى ما تستره شجرة البيرسيا في رستاو"

"And I have undergone the inspection of the god Whose face is behind him, who awardeth my verdict (36), so that I may behold what the Persea tree covereth (37) in Restau." (Renouf, Book of the Dead, Ch.cxxv, p.217)

ربما لا يوجد معبد واحد، ولا قبر واحد، ولا بردية واحدة، وحيثما وليت وجهك في الديانة المصرية وجدت رستاو أمامك. وهي في الحقيقة حجر الزاوية وعماد الدين، ومن غيرها ينتهي الدين، ومع ذلك لا تزال حقيقتها مجهولة --- الحضارة المصرية كلها على بعضها، وما شيده أهلها لها من أهرام وتماثيل وصروح عظيمة، مبنية على مبدأ الحياة بعد الموت. حلقة الوصل بين هذه الحياة والحياة بعد الموت هي رستاو (عين الشمس). ولا تزال حلقة الوصل الى الان مفقودة!

رستاو على أبوالهول

الرسم في الاعلى منقوش على لوحة حجرية تحت ابوالهول. النقش الاصلي على اليسار، وعلى اليمين نسخة توضيحية منه. يُطلق على هذا النقش اسم نقش أبوالهول (Sphinx Stela)، أو نقش الحلم (Dream Stela)، وهو يُعبر عن حلم رآه الملك، فوضع لحلمه نقش على تمثال ابوالهول.

يصورون الاله رع في المساء على شكل أتم (أبو أوزايريس و سيت)، وفي الصباح على شكل حورس ابن أوزايريس.

وإذا كان الاله رع يظهر على شكل حورس ، فكيف يمكن التمييز بين حورس الحقيقي وبين إلاله؟ يمكن التمييز بينهما من الشعار الذي فوق الرأس.


 




رموز الاله: صقر، قرص الشمس، جعران، جعران مُجنح

الصورة في الاعلى فيها عدة أشكال للإله رع (الشمس)، بالاضافة الى حورس.

حورس هو الذي على رأسه القاروره (شعار المُلك في مصر)، بينما الاله هو الذي على رأسه قرص الشمس تلفه حية الكوبرى، وهذا القرص الذي تلفه الحية هو قرص شمس الصباح، ويُعبر عن الشباب والقوة. وإذا كان برأس الصقر ولكن ليس على رأسه شيئ، لا قرص ولا قارورة، هو أيضا حورس.

العصا هي الصولجان، وهو مصطلح عام، عند المصريين وغيرهم، ويرمز للسلطان والقانون. أماّ المفتاح الذي يشبه الصليب فهو رمز الحياة الابديه، ويسمى عنخ (Ankh).

وقبل أن يخرج من الزهرة بلحظات ، يصورونه على شكل جعران، ويسمى خبرع (خب رع)، أو جعران مجنح (winged scarab). ويُعتقد ان تشبيه الاله بالجعران جاء نتيجة ملاحظة المصريين للجعران وهو يدحرج روث البقر، وفجأة تطلع جعارين صغيرة من الروث، فظنوا ان صغار الجعران قد ولدوا من العدم، ولم يعرفوا ان انثى الجعران تخزن بيضها داخل الروث.

أثناء وجود الاله في العالم السفلي يظهر أحيانا على شكل خروف له قرنين، ويُسمى أوف أو أفو (Afu)، والقرون في ذلك الزمن كانت ترمز للقوة، وهذا يدل على ان العالم السفلي يحتاج الى قوة غير طبيعية حتى يمكن اجتيازه. ففيه ثعابين و أرواح شريره وشياطين سيت (أخو أوزيريس) يطاردون رع من أول دخوله الى العالم السفلي ويحاولون منعه من الخروج حتى يحل الظلام على الارض مدى الحياة.

ولأن رحلة العالم السفلي فيها مخاطر كثيره، وضعوا في كفن الميت البردية المسماة بكتاب الميت، يقرأ الميت ما فيها من أدعية وابتهالات على حسب الموقع أو البوابة التي يمر فيها، واذا فشل في اجتياز أي من المواقع أو البوابات، فسوف يبقى في العالم السفلي تلعب به الشياطين، أو يُلقى به في بحيرة من بحيرات النار، أو ينال اشد العذاب.

أمّا أتم فهو أبو أوزايريس وأخاه الشرير سيت، وأيضا أبو الأختين أيزيس ونفتيس. يبدو ان أتم يوازي آدم أبو البشر.

كما يصورون الاله أيضا على شكل صقر على رأسه قرص الشمس، أو قرص الشمس فقط. أو جعران بجناحين، أو جعران من غير أجنحه.

قرود البابون دائما تعبر عن طلوع الشمس، ولا تطلع أبدا في مشهد غروب الشمس. تجدها في الصورة في مشهد الصقر ومشهد قرص الشمس.

المرأتين الظاهرتين في الصورة على يسار ويمين إله الشمس (الصقر، قرص الشمس، والجعران) هما الأختين أيزيس ونفتيس. ويمكن التمييز بينهما من الشعار الذي فوق الرأس أيضا. المرأة على اليمين هي نفتيس، والاخرى أيزيس.

الصورة الاخيرة فيها حتحور، بالاضافة الى أيزيس ونفتيس. حتحور هي ابنة رع، على رأسها قرص شمس الصباح بين قرني بقرة، وهذا هو شعارها. أمّا الاشكال، فجميعهم نفس الشكل (حتحور، أيزيس، ونفتيس)، لأن الالهة بالنسبة لهم أرواح لا شكل لهم ولا صورة، وهذه الصور هي مجرد أشكال رمزية ليس المقصود بها أشكال الالهة الحقيقية.

 الرمزية في بعض الاحيان يمكن معرفتها، فمثلا اذا صوروا الاله على شكل جعران، فهو يشبه الجعران في بعض تصرفاته، وليس لأنه هو بنفسه يصبح جعران. وتصويره على شكل طائر الصقر لأنه يأخذ شيئا من صفاته. وكذلك الادوات التي يحملها في يده كالعصى والعنخ، والشعارات التي يتقلدها كالقرون وقرص الشمس -- وكل شيئ له رمزيته.
 


 من العادات التي توارثتها الاجيال في كافة شعوب الارض أن يضعوا تمثالين لأسدين أمام البوابات!

الاسد الظاهر في الصورة اعلاه عند زهور اللوتس بين أيزيس ونفتيس يُسمى أكير (Aker)، أسد توأم (أسدين)، وظيفته فتح بوابة الارض للموتى.

إقتباس: "أكير يفتح بوابة الارض للملك حتى يمر الى العالم السفلي"

"Aker opens the earth’s gate for the king to pass into the Underworld." -- George Hart, The Routledge Dictionary of Egyptian Gods and Goddesses, p.10, 2nd Ed.

وكما فتح أكير بوابة الارض للملك، هو أيضا يفتح بوابة الارض للاله، ولكل البشر الصالحين ، ليدخلوا الى العالم السفلي.

وقفة الاسدين ظهر بظهر ربما يدل عن بعدهما مسافة عن بعض ، كوقفة الاسدين على البوابات.

من الملاحظ في الاقتباس أعلاه استخدام مصطلح "البوابة". وجود تمثالين لأسدين على البوابات ليس حكرا على المصريين. لقد عرفت شعوب الارض هذه العادة منذ القدم وإلى يومنا الحاضر توارثها الابناء عن الاجداد جيل بعد جيل.
 

يظهر في الصورة المقابلة الاله أنوبيس،  وهو كلب بري كان يعيش في افريقيا وأسيا، والان مهدد بالانقراض.

أنوبيس هو اسمه الاغريقي، وإسمه المصري أنبو. اسمه ورمزه الهيروغليفي ظاهر في أعلى الصورة.

وظيفته حماية ارواح الموتى الداخلين الى رستاو.

كما يظهر أيضا على التوابيت والقبور، بما يدل على انه يحمي الموتى في هذه الاشياء أيضا.

يبدو ان قدماء المصريين رأوا هذه الحيوانات تدخل المقابر فظنوا ان الإله رع (الشمس) بعثها لحماية الموتى فيها، فجعلوها آلهة مقدسة.

عندما يصورنه بهذه الاشكال، لا يعني بالضرورة انه يحميها بالجلوس عليها مباشرة، وإنما مسئول عن حراستها بطريقة أو بأخرى، روحية أو مادية.

إقتباس: "الذي على جبله (أنبو) عينه عليك، جاهز للحظة التي فيها أعداؤك يهجمون عليك، وسوف يردهم عنك"

"He that is upon his mountain (i.e., Anpu) keepeth watch 44. over thee ready for the moment when thy foes shall attack thee, and he shall repulse them for thee."
(Budge, Book of the Dead, Vol.2, Ch.137A, p.662)

نجد في الاقتباس اعلاه عبارة "الذي على جبله" -- تم تفسير الرمز الهيروغليفي في هذه الفقرة بالغلط. والصحيح: "الذي على عين الشمس (رستاو)" -- سوف نعود للحديث عن هذا النقطة لاحقا.

هذا الرمز هو أحد الرموز الكتابية لبوابة السماء (رستاو)، وأي إله يظهر معه هذا الرمز فهو له علاقة مباشرة به. التعريف الحالي لهذا الرمز هو انه منصة -- أي منصة دون تحديد. الوصف لصورة انوبيس في الاعلى (الصورة وليس الرمز) انه يجلس على منصة.

من الممكن صناعة رستاو على شكل منصه. وإن حصل ذلك فهو من باب ما يسمى بالعينة الصغيرة أو النموذج المصغر من شيئ حقيقي. فمثلا ان تقوم بعمل نموذج مصغر لعمارة حقيقية موجودة على ارض الواقع. وصورة انوبيس في الاعلى تبدو انه تمثال موضوع على منصه، ولكن القضية هي لماذا المنصة تأخذ هذا الشكل بالذات، ولماذا يوجد تحت المنصة باب؟

Judgment Hall of Osiris
قاعة محكمة أوزايريس (قاعة ماعت) -- انوبيس (يسار الصورة) يزن قلب الميت مقابل ريشة ماعت (ريشة الحقيقة)، الاله تحوت يكتب قراءة الميزان، آني يجتاز الحساب فيأخذه حورس ويقدمه الى ملك الموتى أوزايريس، المرأتان خلف كرسي أوزايريس هما الاختان أيزيس ونفتيس

 


1) أيزيس تقف بجوار جثة زوجها أوزايريس في زورق العالم السفلي (زورق ماعت)، بينما رمز الشمس يدخل من الزهرة الاولى ويخرج من الزهرة الثانية.


2) أوزايريس يخرج رأسه من الزهرة التي في مقدمة زورق العالم السفلي.


3) آني كاتب البردية يقف آخر واحد في زورق العالم السفلي (زورق ماعت)، وتقف أيزيس في مقدمة الزورق، وفي الوسط يقف إله الشمس برأس جعران، بما يدل على انهم على وشك الخروج من العالم السفلي.

وبعد أن علمنا أن أوزايريس تم تنصيبه ملكا على أمنتا، ثم بعد ذلك نجد رسوم تدل على وسيلة مواصلات، أو انتقال من مكان الى آخر، ألا يدل ذلك على شيئ؟

إذا حاولنا الان معرفة المقصود من الرسوم الثلاثة على اليسار، على ضوء القصة التي كتبها بلوتارك، وما كتبه عالم المصريات «واليس بدج» في قاموسه، والرسوم الاخرى التي تم استعراضها، نجد أن أوزايرس انتقل من الدلتا الى أمنتا في العالم السفلي بواسطة زورق الشمس، تحت رعاية زوجته أيزيس.

ومثلما يدخل إله الشمس الى العالم السفلي بواسطة زهرة لوتس، فإن أوزايرس أيضا دخل الى العالم السفلي بواسطة زهرة لوتس، ثم انتقل في زورق الشمس، وهذا ظاهر في الرسم الثاني.

أوزايريس انتقل من الدلتا الى أمنتا مرة واحدة فقط، ومهما بلغت عدد الرسوم او اختلفت تفاصيلها، فلابد انها تعبر عن نفس الحدث.

الرسم الثالث يظهر فيه آني كاتب البردية المسماة «بردية آني»، دخل الى العالم السفلي بواسطة زهرة لوتس، ثم ركب في زورق العالم السفلي، وسيخرج منه بواسطة زهرة لوتس أخرى، مثل الشمس ومثل أوزايريس، وتحت اشراف أيزيس.

هذا المشهد الذي فيه الكاتب آني هو تقليد لأوزايريس وطريقة انتقاله من هليوبولس الى أمنتا.

تدل بعض نصوص البرديات على معركة حدثت في هليوبولس (إنو) في الليلة التي انتقل فيها أوزايريس من هليوبولس الى أمنتا. أحد هذه النصوص في بردية نبسني، حيث يقول كاتب البردية: "مرحبا بك يا تحوت، يا من جعلت كلمة أوزايريس حق ضد أعدائه، إجعل كلمة الكاتب نبسيني حق ضد أعدائه، بالضبط كما جعلت كلمة أوزايريس حق ضد أعدائه، في حضور قادة تشا تشا الذين كانوا مع رع وأوزايريس في أنو [هليوبولس]، في الليلة التي (فيها أشياء الليل)، وفي ليلة المعركة، وتقييد شياطين سيبو، وفي اليوم الذي تم فيه تدمير أعداء نيبرچار."

QUOTE: "Hail, Thoth, who madest to be true the word of Osiris against his enemies, make thou the word of the scribe Nebseni to be true against his enemies, even as thou didst make the word of Osiris to be true against his enemies, in the presence of the Tchatcha Chiefs who are with Ra and Osiris in Anu, on the night of the (things of the night), and the night of battle, and of the fettering of the Sebau fiends, and the day of the destruction of the enemies of Neb-er-tcher." (Budge, Book of the Dead, Vol.2, p.424)

نص آخر يتحدث عن نفس المعركة، ولكن يحدد انها حصلت في رستاو: "يا تحوت... يا من جعلت أوزايريس منتصرا على خصومه أمام الدائرة العظمى من الآلهة في رستاو..."

"Oh Thoth... as thou makest Osiris triumphant over his adversaries before the Great Circle of gods in Restau..." -- (Renouf, Book of the Dead, p.53)

نجد في الصورة في الاعلى قط يقتل ثعبان. هذا القط هو رع. كتب عنه الكاتب آني ما يلي: "أنا القط الذي قاتل بجانب شجرة البرسيا في أنو [هليوبولس] في الليلة التي تم فيها تدمير أعداء نيبرچار [رب الكون]. من يكون هذا القط؟ هذا القط هو رع شخصيا..."

QUOTE: "I am the Cat which fought near the Persea Tree in Anu (Heliopolis) on the night when the foes of Neb-er-tcher were destroyed. Who is this Cat? This male Cat is Ra himself..." (Budge, Book of the Dead, Papyrus of Ani, Vol.2, p.390).

شجرة البيرسيا في رستاو: "ولقد مررت على تفتيش الإله الذي وجهه خلفه، الذي كافأني بالسماح لي بالنظرالى ما تستره شجرة البيرسيا في رستاو"

"And I have undergone the inspection of the god Whose face is behind him, who awardeth my verdict (36), so that I may behold what the Persea tree covereth (37) in Restau." (Renouf, Book of the Dead, Ch.cxxv, p.217)

نتيجة: شجرة البرسيا في هليوبولس، وشجرة البرسيا في رستاو، إذن رستاو في هليوبولس، وهذه هي رستاو الاولى، رستاو الدخول الى العالم السفلي.

هذه المعركة التي حدثت في أنو (هليوبولس)، داخل رستاو، تتكرر يوميا مع كل ميت يسافر مع رع في زورق العالم السفلي، وأيضا مع رع لأنه من ضمن الموتى.


روح انسان تقف على رستاو وبجانبها شجرة البرسيا، وفي الحقيقة هي في داخلها

في الصورة المقابلة نجد تصوير لإنسان ميت، وهو آني كاتب البرديه، يقف على رستاو وشكله طائر البا (طائر بوجه انسان، رمز روح الانسان)، ثم يدخل فيها ولكن لا يظهر في الصورة وقت دخوله، بعد ذلك يخرج من باب ويقاتل الثعبان. هذا الثعبان هو نفس الثعبان الذي قتله رع وهو على هيئة قط ، في الليلة التي تم فيها تدمير أعداء نيبرچار، و هي الليلة التي انتقل فيها أوزايريس من أنو الى أمنتي. وفي هذا أيضا تقليد لرحلة أوزايريس.


  أتم-رع على هيئته البشرية وهو يقاتل الثعبان عبب

في الصورة المقابلة اله الشمس، على صورة أتم، يقاتل الثعبان. وهنا لابد ان تضع فرضية بديهية انه دخل الى هذا المكان بواسطة عين الماء التي دخل منها الانسان.

وكل هذا مشهد مكرر لما حدث مع أوزايريس.

الكلب البري أنبو، والاسد الأفريقي أكير، والصقر والجعران، كانو موجودين أصلا في المحيط المصري. الثعبان هنا هو ثعبان النيل، ويُسمى عبب، جعل له قدماء المصريين وظيفة شيطانية، ومهمة شريره.

نجد في الصورة المقابلة الاميرة نفرتاري تلعب لعبة السينيت (senet)، في غرفة الاموات، لأنها هي الان ميتة، وتنتظر قدوم الاله في نهاية اليوم لتسافر معه في رحلته الليلية في العالم السفلي.

ونراها بعد ذلك تقف على رستاو عين الشمس، وشكلها إمرأة كبيرة السن ، على هيئة طائر البا (رمز روح الانسان). ومرة أخرى يتكرر مشهد أوزايريس!

ثم تعود الاميرة شابة، تجلس على ركبتيها وترفع يديها. رفعة اليدين والجلوس على الركبتين بهذه الطريقة تدل على انها تؤدي التحية لإله، أو لملك الموتى أوزايريس، بما يدل على انها عبرت العالم السفلي بسلام، واجتازت الحساب بنجاح.

بعد ذلك يأخذها حورس ويقدمها للاله رع (الشمس)، وعلى رأسه قرص الشمس الذي تلفه حية الكوبرى، قرص شمس الصباح. تجلس بجانبه الالهة أمنت، وهي الآلهة المختصة بالعناية بالموتى القادمين الى أمنتا، الأرض الخفية الجميلة.

وأخيرا تخرج نفرتاري من تحت الارض لتقابلها الآلهة حتحور، إبنة رع، وكأنها تقول للأميرة: هدئي من روعك، انتي الآن بين أهلك وناسك.

 

نعود الان مرة أخرى الى رستاو.

يكتبونها في التراجم بهذه الحروف:

(Ra-stau) ،  (Rastau)  ، (Restau) ، (Re-stau) ، (Rasta) (Restau)


بالنسبة للملاحظات التي قيلت عن رستاو، فقد كتب عنها عالم المصريات پـيتر رينوف (Peter Page Renouf)  بعض الملاحظات، فيها تفسيراته الشخصية، وفيها ملاحظات عامة -- ننقل منها بعض الملاحظات العامة:

"هذا الفصل والذي بعده فيه اشارات الى رستاو، احدى البوابات بين العالم السفلي والسماء.

ليس مكتوبا في أقدم البرديات للفصل 17 (الذي منه مأخوذة ترجمتي)، ولكن في جميع البرديات من السلالة الثامنة عشر وما بعدها موضح انها بوابة في جنوب أن-آرف وشمال المنطقة التي يحكمها أوزايريس.

بردية آني فيها هذه الصورة عنها

 (انظر الصورة)

ولكن أكثر عرض لها ملفت للانتباه موجود في بردية دوبلين (D,a)، حيث يُشاهد إله الشمس يمر بين الابواب المطوية (folding doors)، وفي بردية هانيفر (A,g)، حيث الابواب أيضا مفتوحة والاله يجلس بينهما. (انظر اللوحة VI,11 ، VII b)"


الصورة على اليمين فيها الرسوم التي اشار اليها مؤلف الكتاب في الاقتباس أعلاه، (اللوحات VI,11 ، VII b)

نجد في الشكل على اليمين ما يشبه البوابتين على بعض! الاحتمال هو ان احدهما تمثل بوابة الدخول والاخرى بوابة الخروج. وبما أن قرص الشمس هنا تلفه حية الكوبرى، فهو الان إذن عند بوابة الخروج.

الرسم في الاسفل (رقم 10) تكملة للرسم على اليسار اعلاه، ونجد فيه طبقتين من المياه. هذا الرمز يدل على الماء المغلق، كالبحيرة والبئر والحوض والعين، وليس بحر أو نهر مثلا. والظاهر من التصوير انه يمثل عين الدخول وعين الخروج.

 

النص التالي يدل على وجود لهيب نار في راستاو، وفي هذا النص يُشبّه الميت نفسه بأوزايريس: "أنا أوزايريس، رب رستاو، الذي هو نفسه على رأس السلم. لقد جئت لعمل ارادة قلبي، من خلال خزان اللهب، الذي أطفئه عندما أخرج."

"I am Osiris, the Lord of Restau, the same who is at the head of the Staircase. (2) I am come to do the will of my heart, out of the Tank of Flame, which I extinguish when I come forth. (3)"
(Renouf, Book of the Dead, Ch.xxii, p.61)

كتب بعض المؤرخين الاغريق ان عين الشمس في واحة سيوه كانت حارة جدا في منتصف الليل، دافئة في الصباح، وباردة في وقت الظهر. وفي هذا النص شيئ من هذا المعنى.

الصور المقابلة توضح النص اعلاه. وصف أوزايريس برب رستاو يعني ان له سلطانا عليها، كما ان له سلطانا على السلم، وهو السلم الظاهر في الصورة.

لاحظ رسم راستاو على الكرسي، وهذا بكل تأكيد لا يعني انه مجرد كرسي، أو رسم بلا معنى، على وزن انسان في زهرة أو أنوبيس على منصه. وإن كان أنوبيس يجلس على مجرد منصه، أي منصة وخلاص، فالمنصة الان أصبحت كرسي!

 

بعض الاقسام والأبواب والمعالم الموجودة في رستاو نجدها في قاموس (واليس بدج).

توات 4، باب القسم الثاني من رستاو

[توات أو دوات هو مصطلح العالم السفلي]

بحيرة الحقيقة في رستاو
توات 4، بوابة القسم الثالث في رستاو
توات 4، بوابة القسم الرابع في رستاو
إله في رستاو، واحد من 42 مُقيّم (الذي يُقيّم الاشياء) التابعين لأوزايريس
التسعة ديدان في رستاو

(حروف ريستاو الهيروغليفية المكتوبة هنا هي نفس الحروف الموجودة على صورة رِستاو في الاعلى، ولكن بالعكس، مكتوبة هنا من اليسار الى اليمين)

كما نجد اشارات في كتاب الموتى عمّا يحدث في راستاو، منها النص التالي، وفيه الميت يتوسل ربه ان يحميه من الدودة في راستاو: "مرحبا بك، يا من تسكن المنطقة المقدسة في أمنتا، أوزايريس، [الميت] يعرفك ويعرف إسمك، إحمه من تلك الديدان الموجودة في ريستاو، التي تعيش على لحم الميت وتشرب من دمه"

"Hail to thee, who art in the sacred region of Amenta, the Osiris, [the deceased] knows thee and thy name, defend him from those Worms which are in Restau, who live upon the flesh of men and swallow their blood." (Renouf, Book of the Dead, p.10)

هذه هي الديدان التسعة التي ذكرها قاموس (واليس بدج).
 

منطقة حارة جدا في رستاو: "المنطقة الثانية عشر. يا منطقة أونت، داخل رستاو، التي حرارتها مثل النار. لا إله يدخلك، والممجدين لا يجتمعون فيك"

"The twelfth domain. O this domain of Unt, within Restau, the heat of which is that of fire. No god goes down into it, and the glorious ones do not gather into it" (Renouf, Book of the Dead, Ch.cxlix, p.306)
 

الموتى يُولدون في رستاو: "أنا الذي وُلدت في رستاو. المجد أعطيَ لي من قِبل أولئك الذين في أشكال المومياء في بو، في حرم أوزايريس."

"I am he who is born in Restau. Glory is given to me by those who are in their mummied forms in Pu, at the sanctuary of Osiris." (Renouf, Book of the Dead, Ch.cxviii, p.206)

النص في الاعلى يحدد ولادة الميت في رستاو، في حرم أوزايريس، وأزايريس في أمنتي. وهذه هي رستاو الثانية.

الرسم في الاعلى يُلخص ما يحدث في رستاو. الجزء السفلي من الرسم فيه رستاو الدخول الى العالم السفلي. والجزء العلوي فيه رستاو الخروج. الشكل الكلي لرِستاو يظهر في (4b). الاسد أكير يظهر في المربعات (1b, 5a, 8a). أنوبيس يقف مع الثعابين (6a). المربع (7a) يُظهر إمرأة تمر على نقطة تفتيش. أوزايريس في المربع (8b). أنوبيس يقف على شعار أمنتا (7b). الاله تحوت، كاتب الميزان (5b). الاله الشمس يدخل بواسطة زهرة اللوتس (4a)، ثم يولد من جديد في صباح اليوم التالي (2b)، فيطير ليتحد بقرص الشمس الذي تلده آلهة السماء نوت، ليبدأ يوم جديد. المربع الذي يطلع منه الصقر يوجد فيه رمز الماء ورمز الشمس، وهذا يعني عين الشمس، وهو أعلى جزء في راستاو. ولأن عيون الشمس موحلة، نجدها مرسومة في الشكل (4a) باللون الداكن. المربع (3b) فيه الاشياء الجميلة التي يجدها من يجتاز الحساب بنجاح. المربع (6b) فيه ثور يسمى ثور إمنتا.


  الالهة أمنت، وظيفتها العناية بالموتى

يُطلق على البقرات مع الثور مصطلح البقرات السبع وثور إمنتا. وفيهم يقول احد كتبة البرديات، اشار اليه المترجم بحرف الـ (N): "أهلا بك يا من تضيئ كروح حية، يا من تظهر في الافق، (N) الذي في القارب يعرفك، ويعرف اسمك، ويعرف اسماء البقرات السبع وثورهم. يعطون الخبز والحليب للروح الممجدة. يا من تُطعم سكان الغرب، اعطي خبز وحليب الى روح (N)." (رينوف، كتاب الموتى، فصل 148، ص 300)

المسؤول المباشر عن العناية بالموتى القادمين الى أمنتا، وإطعامهم خبز وحليب، بعد ان يجتازو الحساب، هو آلهة إمرأة تسمى أمنت (Ament)، وهي الظاهرة مع أنوبيس في الصورة المقابلة. ومصدر الحليب هو البقرات السبع. وكبقية الالهة النساء، يمكن معرفتها بالنظر الى الشعار الذي تحطه على رأسها، وهو شعار الغرب (غرب النيل، وجهة الغرب بشكل عام).

"Hail to thee who shinest as living soul, and who appearest on the horizon, N. who is in the boat knows thee; he knows thy name, he knows the names of the seven cows and of their bull; they give bread and drink to the glorified soul. You who give sustenance to the inhabitants of the West, give bread and drink to the soul of N."
(Renouf, Book of the Dead, Ch.CXLVIII, p.300)


  البقرات السبع وثور أمنتا

 

نجد أحيانا عين الشمس مرسومة بشكل انحناء، أو تقوس، في الجزء المرئي منها، الجزء العلوي (انظر الصور في الاعلى). ويضعون احيانا وعاء ماء على اليمين وآخر على الشمال، أو شجرة على اليمين وأخرى على الشمال. فعلى ماذا تدل هذه التشكيلات؟

الفرق بين البئر والعين هو ان البئر ماءها في داخلها، أمّا العين فهي ماء نابع من تحت الارض وجاري فوقها. فإذا لم تصنع للعين مسالك مائية، فسوف يملئ الماء محيط العين، ولن تستطيع الاقتراب من المنبع. لذا نجدها مرسومة في بعض الصور بهذا الشكل، الصورة المقابلة توضيحية.

اذا نظرت الان الى كل هذه الاشكال مع بعض فسوف تخرج بتصور يختلف عن التصور الذي يمكن ان تخرج به اذا نظرت الى صورة واحدة فقط. فمثلا اذا نظرت الى الصورة (A) فربما تقول ان الشمس تدخل في غرفة أو منزل. وإذا نظرت الى الصورة (E)، أو الصور الملونة، فربما ستظن انه بئر، وذلك لوجود وعاء ماء عن اليمين وآخر عن الشمال، وارتفاعه قريب من قدم الاشخاص الذين يقفون بجواره (في الصور الملونه).

ولكن اذا نظرت الى صورة الاسدين فقط ، ولم تنظر الى أي شيئ سواها، فسوف تحتار، ولن تعرف ماهية الشكل الذي تراه. وبعد تفكير وتصورات، ربما ستقول انه جبل! وهذا أفضل تصور يمكن ان يخطر على بالك، وذلك انه يوجد من الناس من يرى الشمس وكأنها تدخل في بحر، ويراها آخرون وكأنها تدخل بين الجبال. وبما أن الشكل بين الاسدين أقرب للجبل، فستظن ان المصريين قبل خمسة آلاف سنة كانوا يتصورون ان الشمس تغرب في جبل وتشرق من جبل ثاني. وعلى هذا الاساس قال احد مترجمي البرديات بهذا الرأي، ثم كل الذين أتو من بعده (أو عاصروه) قالوا برأيه.

عين الشمس

وترى الان هذا الرمز:   يفسروه بالجبل، وهذا يفسروه بالافق، وبعد التحقيق فيهما وجدنا ان الاول مصطلح عام يمكن استخدامه لعين الشمس أو غيرها من عيون الماء، بينما الثاني لعين الشمس فقط (عين ماء وفوقها شمس). وبما ان عين الشمس، رستاو، ركن رئيسي في عقيدتهم، فقد ذكروها بالرموز في مواضع كثيرة. وبسبب الخطأ في تفسير هذه الرموز، فجميع النصوص التي ذكرتها بالرمز فقدت معناها. كما ترتب على هذا الخطأ ضياع دين قدماء المصريين بين شرق وغرب، مع ان رحلة إلههم الليلية لا علاقة لها البتة بالمشرق والمغرب.

وإذا اتيت بشخص ليس لديه أدنى فكرة عن الديانة المصريه، ثم سألته عن الصورة التي فيها الاسدين والمرأة، فما هو الجواب الذي تتوقع منه؟ وبما ان الانسان يفسر الاشياء بناءا على معلوماته، فربما يقول ان الاسدين في مسرح سرك، وتلك الدائرة كورة، والمرأة هي مدربة الاسود!

لنرى الان مثالا على ما سبق الحديث عنه، وهو من قاموس (واليس بدج). يظهر في السطر الاول من الصورة المقابلة رمزين، بما يعني ان معناهما متعادل بالضبط، كالتالي:

ثم يقول انهما جبلين، ويعطي مثال، شروق الشمس وغروب الشمس. وبين القوسين بخا و مانو. لأنهم يقولون ان الشمس تغرب على جبل اسمه مانو، وتشرق من جبل اسمه باخو.

الرمز الثاني (في التعريف الثاني) نفس الرمز الاول بالضبط ، ويقول انهما الجبلين اللذين بينهما يقوم أو يظهر الميت. المعنى هنا اختلف بعض الشيئ! فإذا كان الرمز الاول يمكن أن يعني جبل الشروق وجبل الغروب، فلابد ان يكون الرمز الثاني له نفس المعنى بالضبط. السبب في اختلاف التفسير ليس في الرمز بحد ذاته، وإنما الفكرة الموجودة لدى الدارسين في التراث المصري أن الموتى مقرهم غرب النيل. ولماذا لا يقولون ان الاله يطلع في غرب النيل، مع ان جميعهم يرحلون في نفس القارب؟ لا يوجد سبب في ذلك سوى ان الشمس الحقيقية تطلع من الشرق!

بدل الاحتكام الى رمز كتابي صغير، ها هي الاشياء على حقيقتها تحت المجهر (انظر الصورتين على اليسار). بوابتين على بعض، وعينين ماء على بعض.

تفسير الرموز الكتابية الصغيرة بالجبال مبنية على فكرة مسبقة كانت موجودة في ذهن من قال بها أول مرة، وربما قبل أن يبدأ في الترجمة. ثم تبعه الآخرون بناءا على نفس المنطق الذي هو احتكم اليه، منطق الشرق والغرب، وغروب الشمس في البحر أو على جبل، وليس بناءا على تحقيق في الرمز ومعرفة اصوله. وهنا نعيد ما قلناه في بداية الموضوع، لا يوجد شيئ اسمه ترجمة حرفية كلمة بكلمة في جميع لغات العالم، ولابد من معرفة افكار الكاتب حتى تستطيع اختيار المعنى المناسب.

رسم توضيحي آخر بالألوان في الصورة ادناه، من بردية آني، وفيه المستطيلات التي قيل انها هي الاخرى تدل على الجبال، مشبهينها بالاحجار الجبلية التي يمكن استخدامها في المباني!

الرجل الازرق الملتحي هو رمز الماء الوحل الذي تنبت فيه زهرة اللوتس، ويسمى نون أو نو (Nun or Nu)، ولا خلاف في هذه النقطة. وهو نفس الشخص الظاهر في الرسوم الغير ملونة في الاعلى. ويقال انه رمزا للمياه البدائية (primeval waters). حتى ولو فعلا اعتقد قدماء المصريين ان الماء الوحل هو بقايا من المياه البدائية المفترضة، فهذا الاعتقاد لا يتعارض مع زراعة زهرة اللوتس في المياه الوحلة بالذات ولا مياه سواها. الرجل الواقف في الوسط هو رجل ميت. في نفس هذه المربعات يرسمون زهرة اللوتس يجلس فيها انسان. الرابط التالي فيه صورة وتعريف لإله الوحل نون:
http://egyptian-gods.org/egyptian-gods-nun

قارن وقفة الرجل الميت في الصورة اعلاه بما كتبه بدج في التعريف الذي رأيناه في فقرة سابقة، في نسخة القاموس، حيث قال: الجبلين اللذين يقوم بينهما الميت. التعريف الذي يتفق مع ما نرى في هذه الصورة، مع الأخذ في الاعتبار صورة الرجل الجالس في زهرة، هو ان الرجل الميت يغطس في عين الماء الاولى عندما تغطس الزهرة في الوحل بعد غروب الشمس، ويطلع من العين الثانيه عندما تطلع الزهرة من الوحل في صباح اليوم التالي. ويبدو انه يشير بيديه الى العينين للدلالة على انه يدخل من هذه العين ويخرج من الاخرى.

و ما ينطبق على الرجل الميت ينطبق أيضا على الاله رع (الشمس) عندما يُولد من جديد من زهرة لوتس عندما تطلع من الوحل.

ومن النصوص التي يمكن استشعار الخطأ فيها بسهولة هي ما ورد في شأن أنوبيس، ووصفه "بالذي على جبله": "الذي على جبله (أنبو) عينه عليك، جاهز للحظة التي فيها أعداؤك يهجمون عليك، وسوف يردهم عنك"

"He that is upon his mountain (i.e., Anpu) keepeth watch 44. over thee ready for the moment when thy foes shall attack thee, and he shall repulse them for thee."
(Budge, Book of the Dead, Vol.2, Ch.137A, p.662)

تكاد لا تخلو مقبرة أو معبد من تصوير أنوبيس وهو جالس على رستاو بصورة أو بأخرى. فإذا كان عنوانه الرئيسي "الذي على جبله"، فلابد ان تكون صورته المنتشره تدل على وظيفته. ولكن الموجود يختلف تمام الاختلاف عن الجبال! وطبعا ليس من المستبعد ان تجد تمثال لانوبيس على تابوت في قبر، وهذا القبر موجود تحت جبل، ولكن في هذه الحاله هو على التابوت، وليس على الجبل نفسه.

الصورة على اليمين جزء من الرسم الملحق بالفصل الذي منه الاقتباس السابق (الذي على جبله). ترى على يسار الصورة الاولى (يمين) انوبيس يجلس على باب أخضر، وليس جبل. كما يحتوي الرسم على اليمين على تصوير رستاو اثنتين على بعض (وحده فوق الثانيه)، وهما الظاهرتين على يمين الصورة، وفي الرسم الكامل الذي اظهره المصدر مكانهما في الوسط - - يمكنك الاطلاع على الرسم الكامل على الرابط التالي:
http://www.ganino.com/_detail/pl13.jpg?id=the_egyption_book_of_the_dead


استنادا  للمراجع التي كتبها المترجمين أنفسهم، فإن المصطلحات التي فسروها بأبعد نقطة في الشرق وابعد نقطة في الغرب لا تعني في الحقيقة ذلك.

فمثلا كتب بدج ملاحظة في كتاب الموتى يشرح فيها مصطلح بخو (Bakhau) ومانو (Manu)، انظر الصورة في الاعلى. يقول فيها انهما ابعد نقطة شرقية وابعد نقطة غربية لدورة الشمس، حيث الشمس تشرق وتغرب.

المربع الثاني منسوخ من القاموس (انظر الصورة)، يُعرف فيه مصطلح (Bakhau) بأنه أرض الشروق، التي فيها يقوم رع بطعن سيت.

مصطلح باخو (Bakhau) مشتق من كلمة بخ (Bakh)، وتعني ولادة ، أي ولادة ، شمس أو غيرها. هذا الرمز: يدل على الولاده. في الكتابة الهيروغليفية يكتبون الكلمة ثم يتبعونها برمز يحمل المعنى المقصود. فمثلا اذا كانت الكلمة تعني طاولة، يكتبون طاولة ثم يرسمون طاولة بعد الكلمة. ولكن لا يستخدمون هذا الاجراء في كل كلمة يكتبونها اذا كان سياق النص معروف.

وعلى هذا الاساس، فإن المصطلح الذي يُفسر بأبعد نقطة شرقية يعني ارض الولادة فقط. ولا علاقة له بالشرق ابدا.

للتأكيد على معنى الولادة، نجد في كتاب الموتى لمؤلف آخر التعليق التالي:

يقول المؤلف ان هضبة باخو وردت في النصوص المتأخرة برمز حاسم، امرأة أو بقرة في حالة ولادة، مع كلمة أخرى تدل على الفجر. وقد قلنا في فقرة سابقة انه ليس من الضروري كتابة الرمز بعد الكلمة. الان يقول المؤلف ان النصوص المتأخرة حسمت المسألة، الولادة في وقت الفجر. وهذا بكل تأكيد لا علاقة له بشرق وغرب. ولكن تفسير المترجمين فقط هو ان الولادة تحصل في الشرق، استنادا للمفهوم العام لمشرق الشمس، وليس على اساس النص أو المصطلحات المستخدمة.

من الملاحظ أيضا انهم يفسرون الرمز بما يعني جبل أو هضبة، وهو يختلف عن رمز القوس الواحد الذي سبق الحديث عنه! وبحسب قاموس (واليس بدج) فإن الرمز ذو القوسين يمكن أن يعني "ارض صحراوية" أيضا، بالاضافة الى جبل أو هضبة. وفي الاقتباس قبل الاخير، كتبها بدج (Bekhatet)، الاحرف الثلاثة الاخيرة (tet) لا تعني جبل، وإنما أرض.

المصطلح الذي يستخدمه المترجمون لأرض الغروب هو مانو (Manu). من سياق النصوص يتضح ان المقصود به الافق الغربي.

"تحية لـ (تيمو) عندما يغرب في أرض الحياة.
يقول أوزايريس (N)، تحية لـ (تيمو)، عندما يغرب في أرض الحياة ويسلط أشعته على توات [العالم السفلي]. مرحبا بغروبك في أرض الحياة، يا أبا الآلهة، أنت متحد مع أمك في مانو."
"Adoration to Tmu as he setteth in the Land of Life.
The Osiris N; he saith, adoring Tmu, when setting in the Land of Life and shedding his rays on the Tuat;
Hail to thee setting in the Land of Life, O Father of the gods, thou art united to thy mother in Manu."
(Peter Page Renouf, Book of the Dead, p.27)

ما نراه في النص أعلاه ان مانو شيئ ، وأرض الحياة شيئ آخر. الاله يغرب في أرض الحياة، ومتحد مع أمه آلهة السماء في مانو. الاتحاد هو اتحاد الروح بالجسد، وجسد الاله هو قرص الشمس. وهذا يدل على ان مانو أفق السماء الغربي، أو اسم منطقة كانت تقع غرب النيل، واسمها يُطلق على أفق السماء المُطل عليها ، وليس جبل أو أرض تغرب فيها الشمس.

وكان الاولى أن يقولوا أن أبعد نقطة غربية تغرب فيها الشمس هي أرض الحياة، لأن النص يصرح بهذه الارض دون أدنى التباس.

المشكلة هي أن أرض الحياة بمعناها العام تعني المقبرة، أرض الاموات. والمعنى الخاص هو أن أرض الحياة كانت في الاصل مدينة أو قطعة أرض موجودة في هليوبولس.

الصورة المقابلة من قاموس (واليس بدج). الحروف الهيروغليفية تعني «أرض الحياة» ، (Ta en ankh) يُعرفها بدج بقوله: مقاطعة من هليوبولس. الحروف المعلمة بالاصفر تعني الحياة، والحروف الاخرى تدل على انها أرض حقيقية.

المشكلة بالدرجة الاولى ليست مشكلة ترجمة، وإنما مشكلة اختلاف مفاهيم. ولو حاول المترجمون أن يعيشوا بتصورات أولئك القوم وتعابير لغتهم ، لما وجدوا مشكلة في استيعاب ان الشمس تغرب في هليوبولس! وذلك انهم كانوا يستخدمون مصطلح الغروب للتعبير عن دخول الاله الى العالم السفلي. من الملاحظ أيضا في كتابات الدارسين في التراث المصري انهم يتعاملون مع معالم التراث كلٍ على حدة، ولا كأنه تراث متكامل ومتصل، فمثلهم كمثل من يقرأ رسالة فيتوقف على كل فقرة فيها ليبني عليها نتيجة، حتى ولو أدت النتيجة الى تناقض مع نتيجة أخرى مبنية على فقرة سابقة!

 

آلهة السماء نوت من معبد حتحور في دندرة‎‎

قارن الرسم في الاعلى مع الرسم على اليسار وستجد ان الشكل المقوس يُستخدم مع رستاو بطريقة متبادلة. في الاعلى وضعوا الشكل المقوس على اليمين (جهة الوجه)، وفي الصورة الابيض والاسود وضعوه الجهة الثانية. هذين الشيئين (رستاو والشكل المقوس) لهما نفس المعنى بالضبط.

الروابط التالية للصور الاصلية التي منها تم تركيب الصورة اعلاه:
dendera-hathor-a.jpg
dendera-hathor-b.jpg
dendera-hathor-c.jpg

 

تغرب الشمس في أرض الحياة، وتطلع في الارض الخفية، وهي المكان الذي فيه تم تنصيب أوزايريس ملكا على الموتى، طبقا للمؤرخ الاغريقي بلوتارك في القصة التي سبق ذكرها، أمنتي (أمنتت، أمنتا)، المكان الخفي، أو العالم الآخر.

1) يطلع الاله من تحت الارض في أمنتا:
"يخرج الاله من مكانه الخفي"
"The God cometh forth from his hidden place"
(Budge, Book of the Dead, Vol.2, p.504)
2) يقوم الميت في أمنتا كالعصفور الذي يفقس من البيضه:
"أقوم من البيضة في الارض الخفية"
"I rise up out of the Egg in the Hidden Land."
(Budge, Book of the Dead, Vol.2, p.367)
3) جلسات محاكمة الموتى أمام أوزايريس تعقد في أمنتا:
"لتكن مرضاة لنا، وليكن الاستماع مرضيٌ لنا، واجعل سعادة قلوب لنا عندما توزن الكلمات. ولا تجعل كذبا يقال ضدي أمام الاله العظيم، رب أمنتت" -- (يقصد أوزايريس).
"Let it be satisfactory unto us, and let the listening (?) be satisfactory unto us, and let there be joy of heart to us at the weighing of words. Let not lies be told against me before the Great God, the Lord of Amentet."
(Budge, Book of the Dead, Vol.2, p.440)
4) أمنتا الجميلة:
"إجعل أوزيريس آني، الذي كلمته حق، تكون له قوة مجيدة، في أمنتت الجميلة."
"Let the Osiris Ani, whose word is truth, have glorious power 8. in the Beautiful Amentet."
(Budge, Book of the Dead, Vol.2, p.644)
5) ومع ذلك لا تزال مجهولة ليس لها عنوان، من أيام بلوتارك الى يومنا هذا:
من عنوان الفصل: "الكلمات السحرية التي تقال في  أمنتت الجميله.4"
ملاحظة المؤلف 4. الارض الخفية الجميلة: مُتعذر تطبيقها على أي شيئ إلا أن تكون عناوين تشريفية لمملكة الموتى.
From Ch. Title: "The Spells Which Are To Be Said In Beautiful Amentet.4"
Author note 4. The "beautiful hidden land" ; it was unlucky to apply any but honorific titles to the kingdom of the dead.
(Budge, Book of the Dead, Vol.2, p.355)

وكيف يمكن أن تكون مجرد عنوان تشريفي وفيها يطلع الاله من تحت الارض، ويخرجون فيها الموتى كالعصافير المفقسين من البيض؟

أمن = خفي (Amen)
تا = تت = تي = أرض (ta, tet, ti)
أمنتا = أمنتت = أمنتي = الأرض الخفية (hidden land, Amenta, Amentet, Amenti)

ومما يدل على ان أمنتا ارض خفية حتى على القوم الذين عاشوا في ذلك الزمن هو قصة أوزيريس التي كتبها المؤرخ الاغريقي بلوتارك، حيث قال عن أوزيريس انه تم تنصيبه ملكا على أمنتي، العالم الآخر. فلو كان بلوتارك يعرف ان أمنتي (أمنتا، أمنتت) هي واحة سيوه، لقال انه تم تنصيبه ملكا على واحة سيوه، أو كما يسميها الاغريق «واحة أمون».

وإن كانت أمنتا ارض خفية على القدماء، فمن المفروض أن لا تكون خفية على المعاصرين، وذلك ان التراث المصري قد انكشف واصبح في متناول الباحثين. وما كان خفي على الأولين، بإمكان المعاصرين أن يصلوا اليه. ولكن المفروض شيئ، والواقع شيئ ثاني. المناطق النائية، ومن ضمنها واحة سيوه، لم تنل أي اهتمام يُذكر من قِبل الباحثين والدارسين في التراث المصري، وكان تركيزهم بالدرجة الاولى على اراضي مصر الرئيسية. بالاضافة الى ذلك ان الديانة المصرية بحد ذاتها يشوبها الكثير من الغموض والسرية، ليس فقط الان، ولكن حتى في الزمن الذي كانت فيه الديانة قائمه. وذلك لأنها كانت غنوصية، سرية، لا يعرف مفاهيمها الاساسية إلا الكهنة وخاصة الناس فقط.

"أمنتا أو أمنتت، ، كانت في الاصل المكان الذي تغرب فيه الشمس، ولكن بعد ذلك تم اطلاق المصطلح على جميع المقابر التي بُنيت على المرتفعات والجبال على الضفة الغربية من النيل. يعتقد البعض ان أمنتا، في البداية، كانت محافظة صغيرة ليس لها أهمية جنائزية أو دينية."

"Amenta or Amentet, , was originally the place where the sun set, but subsequently the name was applied to all the cemeteries which were built in the stony plateaus and mountains on the western bank of the Nile. Some believe that Amenta was, at first, the name of a small district, without either funereal or mythological signification." (Budge, Book of the Dead, Vol.1, p.202)

ما هو موجود في الاقتباس اعلاه هو رأي المترجم. وهو نفس المترجم الذي قال عنها في اقتباس سابق: "الارض الخفية الجميلة: مُتعذر تطبيقها على أي شيئ إلا أن تكون عناوين تشريفية لمملكة الموتى" ، وغيره يفترض انها منطقة خيالية روحانية أو سماويه (موجودة في السماء). وتعني العالم السفلي بالنسبة للاقباط المصريين، ويلفظونها أمنتي، ويستخدمونها لترجمة الكلمة الاغريقية هيديس (hades)، العالم السفلي أو الجحيم.

نصوص البرديات تعطي صورة جيدة عنها، وأمنية الميت أن يصل إليها، ويصفونها بالجميلة: "إجعل أوزيريس آني، الذي كلمته حق، ان تكون له قوة مجيدة، في أمنتت الجميلة."

"Let the Osiris Ani, whose word is truth, have glorious power 8. in the Beautiful Amentet."
(Budge, Book of the Dead, Vol.2, p.644)

سوف نرى الان ان هذه المدينة المسماة أمنتا هي واحة سيوه، مدينة حقيقية موجودة على ارض الواقع، فوق الارض وليس تحتها، وهي المكان الذي يولد فيه الاله رع (الشمس) في كل صباح، بعد ان يخرج من العالم السفلي.

جاء في الاقتباس السابق: "يعتقد البعض ان أمنتا في البداية كانت محافظة صغيرة ليس لها أهمية جنائزية أو دينية" -- من الممكن ان تكون في الاصل محافظة صغيرة ليس لها أي أهمية، ولكن بعد أن قام قدماء المصريين باختراع دينهم (أو تطويره، أو تحريفه)، أصبحت مهمة جدا، وجزء رئيسي من الدين.

يوجد في قاموس «واليس بدج» تعريفين مهمين لمقاطعة أمنتا (أمنتت)، وهما الظاهران في الصورة المقابلة.

الرموز الظاهرة في التعريف الاول تدل على انها أرض الموتى، ومؤلف القاموس كتب هذا. وهنا الرموز لا تحدد موقعها بدقة، ولكن تدل على انها تقع في مكان ما في جهة الغرب، وأيضا يمكن ان تكون ارض حقيقية أو خياليه.

الرموز الموجودة أمام التعريف الثاني، المعلمة بالاصفر، تدل على انها تقع في غرب نهر النيل، وأيضا مؤلف القاموس كتب ذلك. الرمز الاصفر يدل على انها بلدة حقيقية وليست مجرد تعبير روحاني أو خيالي.

وبما أن المنطق السليم يفرض علينا الأخذ بالمعلوم حتى نصل الى المجهول، فهذا هو المعلوم لدينا الان، ومن العبث البحث عنها في مكان آخر غير غرب النيل، أو افتراض الخيال بينما المعلوم يشير الى وجودها على أرض الواقع.


الآلهة أمنت

في كتاب الميثولوحيا المصرية (A to Z)، كتب المؤلف عن الآلهة أمنت (أمنت مؤنث أمن)، وقال في فقرة: "من بيتها في غصون شجرة على حافة الصحراء، أمنتت [أمنت] تترقب قدوم الارواح وهم يقتربون من مدخل العالم السفلي، أو العالم الآخر."

"From her home in the branches of a tree at the edge of the desert, Amentet watched for the souls as they approached the entrance to the Netherworld, or next world." (Pat Remler, Egyptian Mythology A to Z, 3rd Ed. p.10)

من الاقتباس في الاعلى نجد ان الآلهة أمنت (وهي احدى الآلهة الرئيسية في أمنتا) تسكن على حافة الصحراء. وتترقب قدوم الموتى القادمين الى أمنتي (العالم الآخر). ومن هنا يتضح ان العالم الآخر، الارض الخفية، أمنتا، تقع على حافة صحراء غرب النيل -- الآلهة أمنت هي المسؤولة عن تقديم الطعام والحليب للموتى القادمين الى أمنتا، وقد تحدثنا عنها في فقرة سابقة.

الآن أصبح لدينا صورة أوضح عن موقع المقاطعة الصغيرة أمنتا. تقع على حافة صحراء غرب النيل.

 


http://en.wikipedia.org/wiki/File:Cyrenaica_Marmarica.jpg

الخارطة في الاعلى تعود الى العصر الروماني، وهي جزء من خارطة أكبر موجودة على الرابط الذي تحت الخارطه. اللون الابيض هو صحراء مصر الغربية، واللون البرتقالي يعود الى دولة كانت تسمى مرمرة. وبعد أن احتل المقدونيين مصر، ومن بعدهم الرومان، أطلقوا على المنطقة التي تشمل الصحراء الغربية ودولة مرمرة اسم المحافظة الليبية (Libycus Nomus). الاوربيين الان يطلقون اسم الصحراء الليبية على صحراء مصر الغربية لان الاغريق كانوا يسمونها بهذا الاسم.

المدينة في الدائرة الزرقاء، في اعلى الخارطه، تسمى أبيس (هابي باللغة المصرية)، وكانت ميناء بحري مهم، أمّا الآن فلا يوجد لها أثر، وربما ابتلعها البحر.

المدينة في الدائرة الحمراء، الموجودة على حافة الصحراء، هي واحة سيوه، ومكتوب عليها معبد أمون، كلمة (civitas) تعني انها منطقة تابعة للامبراطورية الرومانية (مستعمرة رومانية).

تشير بعض نصوص البرديات الى انه كان لدى قدماء المصريين هضبة مقدسة تظهر منها الآلهة حتحور تستقبل الموتى.

1. الآلهة حتحور، ابنة رع، على هيئة بقرة تطل برأسها من الهضبة المقدسة
2. آني (كاتب البردية) يصل بعد موته الى الهضبة المقدسة بعد أن عبر العالم السفلي واجتاز الحساب

هذه الهضبة المقدسة تقع في أمنتا (أمنت، أمنتت، أمنتي).

إقتباس: "تحية لكم، يا من تسكنون الهضبة المقدسة (ست شيزرت) في أمنتت." -- (ست = هضبة) ، (شيزرت = مقدس)

QUOTE: "Homage to thee, O thou who dwellest in the Holy Hill (Set-Tchesert) of Amentet" (Budge, Book of the Dead, Vol.2, P.365)

 

الرجل الجالس على الكرسي في الصورة على اليمين في الاعلى هو أوزايريس. وخلفه الهضبة المقدسة التي تظهر منها حتحور، والتي يقف بجوارها آني في الصور السابقة. الصورة الثانية على اليسار اعلاه فيها شخص غير واضح الملامح. نص البردية التي منها الصورة يخاطب شخص اسمه سيباك (أو سبك).

الصورة على اليسار (سيباك) منقولة من كتاب الموتى لمؤلفه (بيتر رينوف). يتحدث الفصل عن مواصفات الهضبة، طولها 300 ذراع وعرضها 200 ذراع، وعن ثعبان طوله 500 ذراع يجلس عليها، ويقول ان سيباك على الجانب الشرقي من الهضبة، ومعبده عليها.

إقتباس: "فيما يخص هضبة بخو التي عليها تستند السماء، تُبدي نفسها (300) ذراع في الطول و (200) ذراع في العرض. سيباك، رب بخو، على الجانب الشرقي من الهضبة، ومعبده عليها. يوجد ثعبان على جبين الهضبة، طوله (500) ذراع، ثلاثة أذرع من مقدمته مطعون بالسيوف."

"In respect of the Hill of Bachau (i) upon which heaven resteth, it presenteth itself (2) three hundred cubits in length (3) and two hundred cubits in breadth. Sebak, the Lord of Bachau, is at the east of the Hill, and his temple is upon it. There is a serpent on the brow of that hill, five hundred cubits in length, three cubits of his forepart are pierced with swords." (Peter Page Renouf, Book of the Dead, Ch. cviii, p.178)


 سيباك  أو سبك (SBK)

الاعتقاد السائد عن التمساح سبك هو انه إله مستقل، ولكن لا يبدو في الحقيقة كذلك، وإنما شكل من أشكال أوزيريس.

قدماء المصريين كانت لديهم طوائف متعددة، وكل طائفة تتميز نوعا ما عن غيرها فيما يتعلق بالمعتقدات. وقد كتب المؤرخ الاغريقي هيرودوت، طبقا لـ «واليس بدج» في كتاب آلهة المصريين، انه في بعض المدن المصرية كان الناس يكرهون التماسيح ويقتلونهم، بينما في مدن أخرى كانوا يقدسونهم.

في الفصل الذي منه الاقتباس في الاعلى، قال كاتب البردية ان سيباك و تيمو (إله الشمس الميت) وحتحور هم قوة الغرب. ونرى سيباك في الصورة يجلس في معبد في نفس المكان الذي فيه معبد أوزيريس، وفي النص: "سيباك، رب بخو، على الجانب الشرقي من الهضبة، ومعبده عليها".

مصطلح بخو مشتق من الولادة (بخ)، وقد سبق الحديث عنه في فقرة سابقة.

في التمثال الظاهر في الصورة يجلس سيباك على رستاو عين الشمس، ويُضاف الى اسمه المكتوب بالهيروغليفي رمز رستاو . وكل هذه الاشياء تدل على انه شكل من أشكال أوزيريس، أو على الاقل تشبيه أوزيريس بالتمساح سبك. وقد كانوا يشبهون الآلهة بالبشر والحيوانات والطيور والحشرات. فربما كان لديهم تمساح ذو صفات مميزة، فقامت احدى الطوائف التي تقدس التماسيح بتشبيه أوزيريس بذاك التمساح.

توجد في واحة سيوه هضبة صخرية مختلطة بالرمال تسمى جبل الموتى، وهي الظاهرة في الصورة المقابلة.

طبقا للنص الذي سبق ذكره في الاعلى، يوجد "ثعبان" طوله 500 ذراع على جبين الهضبة.

إذا نظرت الان الى قمة الهضبه، تراه على شكل حلزوني، لولوبي ، وكأن ثعبان كان يلتف عليها!

هذه الشكل الحلزوني على مايبدو هو الاساس في اعتقادهم بالثعبان الذي يجلس على الهضبة.

الصورة في الاسفل تبين مقاييس الهضبة بالمتر، بحسب موقع ويكيمابيا (wikimapia)، على الرابط الموجود تحت الصورة.

فإذا كان طولها 300 ذراع، والذراع المصري = 52.8 سم ، فهذا يعطينا 160 متر تقريبا.
300 × 52.8 ÷ 100 = 158.4

والعرض 200 ذراع = 106 متر تقريبا.
200 × 52.8 ÷ 100 = 105.6


http://wikimapia.org/#lang=en&lat=29.211085&lon=25.526020&z=18&m=b

وكما ترى في الصورة، إذا أخذنا المقاييس من الوسط ، نحصل على (160 × 160) متر.

يقول المؤلف تعليقا على أبعاد الهضبة: "البرديات المتقدمة تعطي الابعاد للإثنين (الطول والعرض)، ولكن تجعلها صغيرة جدا حتى ان الثعبان لا يقدر ان يستقر عليها. البرديات المتأخرة البادئة بأحرف (Pf) صححت النصوص لتعطي طول الهضبة 300 ذراع... بردية نبسيني تعطي عرض الهضبة 300 ذراع. كتاب الموتى في تورينو يعطي الطول 370 ذراع ، والعرض 140 ذراع."

"The earliest Papyri give the dimensions of both, but make the hill so absurdly small that the serpent could not rest upon it. Later papyri beginning with Pf have corrected the texts so as to give the hill a length of 300 cubits... The Papyrus of Nebseni gives the hill 300 cubits in breadth. The Totenbuch of Turin reads 370 in length, and 140 cubits in breadth." (Peter Page, Book of the Dead, p.180)

ما نراه في الارقام المعطاه هو ان الذين كتبوا البرديات لم يتفقوا على ابعاد معينة. ويدل هذا على بعد المسافة بينهم وبين موقع الهضبة، وإلا لذهبوا اليها وأخذوا المقاييس بدقة. قول المؤلف ان البرديات المتأخرة اعطت طول الهضبة 300 ذراع، يدل على ان مجموعة من البرديات اتفقت على هذا الرقم. ثم يقول المؤلف ان بردية نبسني اعطت العرض 300 ذراع. وعلى هذا نجد أن الارقام التي حصلنا عليها (160 × 160) متر، (300 × 300) ذراع، لم تخرج من الاحتمالات الموجودة.

وبالاضافة الى موقعها الكائن على حافة الصحراء، مقاييس الهضبة تضيف شاهدا آخر، ومعلم جغرافي حقيقي، يدل على ان واحة سيوه هي أمنتا الجميلة، الارض التي يسكنها الموتى.


 قبر «نبربا تحوت» في جبل الموتى
http://www.touregypt.net/featurestories/niperpathot.htm

يوجد في جبل الموتى في واحة سيوه الكثير من القبور. أغلبها يعود لفترة الحكم الروماني، أو ربما أعيد استخدامها في العهد الروماني. أقدم قبر مكتشف الى الان يعود لشخص اسمه «نبربا تحوت»، ويعني (الذي ينتمي الى بيت الاله تحوت). وكان عنوانه اثناء حياته (نبي أوزايريس)، وكاتب النصوص المقدسة. وهو الظاهر في الصورة المقابلة يؤدي التحية لأوزايريس، وتقف خلف أوزايريس الآلهة حتحور برأس بقرة، بحسب موقع السياحة المصري على الرابط الموجود تحت الصورة.

وأيضا بحسب موقع السياحة، فإن عنوان الميت (نبي أوزايريس) يدل على أن أوزايريس كان له معبد في الواحة. وقد رأينا في فقرة سابقة ان معبد أوزايريس يقع على الجانب الشرقي من الهضبة. ولكن لم يُكتشف أي معبد لأوزايريس في واحة سيوه لحد الان، ربما يكون قد تهدم أو مدفون تحت الرمال.

يوجد قبر آخر في جبل الموتى لرجل يدعى (سي-أمون)، وهو على ما يبدو انه أغريقي اعتنق دين المصريين. وفي هذا القبر ورد أيضا اسم أوزايريس كإله رئيسي في الواحة.

إقتباس: "وعلى الجانب الآخر فقد ورد اسم (ثا)، و (ثاي) أكثر من مرة على جدران معبد (أم عبيده) في أغورمي. وفي مقبرة (سي - أمون) في جبل الموتى، ورد هذا الاسم مرتبطا بالإلهين أمون رع و أوزير، كإلهين رئيسين في المنطقة." (مهاب درويش، مطروح بوابة مصر الغربية، ص 19).

ما يمكن استنتاجه من هذين القبرين هو ان أوزايريس كان إله رئيسي في الواحة، وكان يوجد له معبد فيها. وبما أن أحد القبرين يعود للفترة المقدونية أو الرومانية، فمن المحتمل جدا أن يكون للمعبد ذكر في الكتابات الاغريقية أو الرومانية القديمة. ولكن لا يزال الكثير من الكتابات الرومانية والاغريقية لم تترجم بعد، فالاحتمال وارد ان يكشف المستقبل عن معلومات عن هذا المعبد، وموقعه في الواحة. أو ربما تنكشف آثار جديدة في الواحة تدل على مكان وجوده. ونفترض مبدئيا انه كان موجودا على الجانب الشرقي من الهضبه، كما ورد في النص.

الشاهد الثالث هو عين الشمس، وهي أيضا معلم تاريخي وجغرافي حقيقي.

نجد في الصورة اعلاه رجل ميت يقف أمام الاله أمون-من (Amun-Min)، رمز القوة والشباب، وتقف حتحور (ابنة رع) خلف الميت، أكليلها قرص الشمس بين قرنين، وتعلوهما ريشتين. وفي المشهد الثاني، الرجل الميت يؤدي التحية لحتحور، تُمسك في احدى يديها الصولجان وفي الاخرى العنخ (رمز الحياة الابدية). وفي الصورة أيضا عين الشمس، خلف أمون. كل هذه الاشياء تدل على ان أمون موجود في الموقع الذي فيه حتحور ويخرج فيه الموتى من العالم السفلي من عين الشمس.

لاحظ الدائرة في اسفل جذع الزهرة التي تخرج منها الشمس، وقارنها بدائرة الزهرة الموجودة خلف أمون، ستجدها نفس الدائرة، وهذا مقام مشترك لا تجده في أي مشهد آخر سوى في الزهرة التي خلف أمون، وفي طلوع الشمس. هذه الدائرة على ما يبدو علامة العنخ، قارنها بأول رسم من اليسار في اعلى الصورة بين ايزيس ونفتيس.

 

الصورة على اليسار تظهر الاله رع وهو يعطي العنخ لملك ميت، وعلى رأسه قرص شمس "الصباح"، والاله أمون يجلس خلفه. وفي هذا دلالة على ان الالهين يجتمعان مع بعض في الصباح الباكر في ارض الموتى.

ما نستنتجه من هذه المشاهد هو أن الاله أمون، وأمونمن، والاله رع، يجتمعون مع الموتى، وبالضرورة في ارض الموتى، وهي باتفاق الباحثين انها في مكان ما في غرب النيل. يوجد في هذا المكان ايضا الزهرة التي تطلع منها الشمس. والاشياء تكمل بعضها.

اتفق الباحثون على ان ارض الموتى في غرب النيل، ولم يحددوا مكانها، فوجدناها في واحة سيوه. وقالوا ان اله الشمس يطلع من مكان غير معلوم في الشرق، قياسا على طلوع الشمس الحقيقية من الشرق، وهذا يناقض الرسوم تناقضا صارخا، ولهذا السبب لا يوجد لديهم تفسير "نهائيا" للرسوم التي يظهر فيها اله الشمس مع الموتى!

 


 الاله رع يقدم العنخ للاسكندر المقدوني بعد موته، والاله أمون يقف خلف الاله رع

 

الاعتقاد السائد هذه الايام عن عين الشمس التي في واحة سيوه هو انها عين الماء التي يُطلق عليها اسم عين كليوبترا. هذه العين تبعد مسافة ليست بالقصيرة عن معبد أمون (واحد كلم تقريبا). كما أن ماؤها ليس بالمواصفات التي ذكرها المؤرخين القدماء، الاغريق والرومان، وشكلها بعيدا كل البعد عن شكل العين التي يُولد فيها الاله رع (الشمس).

الاقتباس التالي من كتاب عالم المصريات البريطاني «واليس بدج» عن تاريخ مصر، وفيه يتحدث عن مسبح كليوبترا، عين الشمس المفترضه:

"هنا كانت عين الشمس، التي كان ماءها دافئ عند شروق الشمس، بارد جدا عند الظهر، وحار يغلي في منتصف الليل [1]"

ملاحظة المؤلف: 1. في الواقع ان ماء هذه العين كان منتظم الحرارة، 73.5 فهرنهايت [23 درجة مئوية].

"Here was the fountain of the sun, the waters of which were warm at sunrise, very cold at noon, and boiling hot at midnight. [1]"
1. As a matter of fact the water of this spring has a uniform temperature of 73.5 Fahrenheit [23°C]"
(Wallis Budge, A history of Egypt from the end of the Neolithic period to the death of Cleopatra VII, B.C. 30, p.147)

 

1. عين الشمس تشبه البئر
2. مسبح كليوبترا (عين الشمس المفترضه) مثل حوض الماء الكبير


اثنين من المؤرخين القدماء على الاقل حددوا مكان عين الشمس التاريخية، وقالوا انها تقع في ساحة معبد أمون، بجوار المعبد بالضبط. وجدنا هذا القول في كتاب أصدره معهد ألماني متخصص في دراسة الحضارات، والكتاب موجود في مكتبة جوجول، والتالي جزء من الصفحة المعروضة في موقع جوجل:

يذكر الكتاب انه توجد الان بئر تبعد مسافة (37) متر من مدخل المعبد. ويقول ان هذا الموقع يتناسب مع ما ذكره ديودوروس (Diodorus) وما كتبه كارتيوس روفوس (Curtius Rufus) عن عين الشمس، ثم يذكر ما كتبوا: "في وسط الفناء المقدس" و "بجوار الحرم مباشرة"

 "in the middle of the holy precinct" and in the "immediate neighbourhood of the sanctuary"
(Annales Du Service Des Antiquites de L'Egypte, Volume 82, p.191, By The Supreme Council of Antiquities)

الاحداثيات التي ذكرها المؤرخون في الاقتباس أعلاه هو الكلام المضبوط ، وهم عاشوا في زمن كانت فيه العين موجودة والواحة مزدهرة، وبغض النظر سواءا كانت البئر القديمة التي ذكرها الكتاب، الموجودة حاليا، هي نفسها عين الشمس أم لا. ونفترض مقدما انها هي الى ان يثبت العكس، وذلك ان عين الشمس في الرسوم المصرية تشبه البئر، والكتاب أيضا يرجح ان البئر الموجودة هي عين الشمس التاريخية، لأن مكانها يتناسب مع الاحداثيات التي ذكرها.

وبعد أن دلت الشواهد على معبد أمون، ألا يفترض الان أن نذهب اليه لنرى ان كانت مواصفات عين الشمس تتفق مع النتائج النظرية التي توصلنا اليها؟ بحثنا عنها في الانترنت فوجدنا صورة فوتوغرافية لها، وكأنها نسخة طبق الاصل من التي تظهر في الرسوم.

رأينا في فقرة سابقة أن عين الشمس فيها انحناء في الجزء العلوي منها لتمرير المياه في مجرى (جدول) مائي، بينما لا يوجد في هذه شيئ. ما رأيناه هو رمز وليس بالضرورة ان يكون الواقع نفس الرمز بالضبط. أمّا المجرى المائي فالظاهر من الصورة انهم اغلقوه بالحجارة، وهذا واضح في الصورة، بعض الاحجار اضيفت في وقت لاحق، وهي التي غير ملصقة بالاسمنت. وفي الصور المقابلة تجدها معروضة بأشكال مختلفة، ولا تشبه الحقيقة ايضا، والرمزية فيها انها بوابة للعالم السفلي، ولإنها بوابة، رسموا فواقها باب، ولكنك لا تجد الباب في كل الرسوم. اذا نظرت للشكل المقوس تجد مثل النقاط مرسومة عليه، ربما افترض الذي فسروا هذا الرمز بالجبل ان هذه النقاط صخور الجبل، واذا نظرت الى عين الشمس تجدها مصنوعة من الحجارة، وهذه النقاط رمز لها.

 

نقاط متفرقة

وجود رسوم لموتى يؤدون التحية لأله الشمس يدل على انهم يقابلونه بعد اجتيازهم الحساب، وقبل صعود الاله للسماء والاتحاد بالقرص. يمكن أن يُطلق على هذه المقابلات مصطلح اللقاء الصباحي!

وكانوا يستقبلون الموتى، بما فيهم الاله رع، بالغناء والرقص وهم عرايا، ويكون ذلك في الصباح الباكر عندما يولدون من جديد من زهرة اللوتس وهي تطلع من الوحل. فما هو السر يا ترى في هذه الطقوس الشاذة؟

السبب في هذه الطقوس عائد الى حتحور ابنة رع. بحسب الاسطورة، عندما احتدم الصراع على السلطة بين حورس وسيت، غضب الاله رع من أفعالهم وجلس حزينا، فقامت ابنته حتحور بخلع ملابسها وبدأت ترقص أمامه وهي عارية من الملابس حتى ذهب حزنه وانفجر من الضحك.

"In the myth of the contest for power between Horus and SETH it is the goddess [Hathor] herself, 'lady of the southern sycamore', who cures her father Ra of a fit of sulking by dancing naked in front of him until he bursts into laughter." (George Hart, The Routledge Dictionary of Egyptian Gods and Goddesses, 2nd ed., p.65)

 


الالهة حتحور عارية من الاملابس وتقدم التحية لحورس وهو يولد في الصباح طفلا صغيرا

 

أموات يُمسكون زهور لوتس روحانية لحفظ أنفاسهم. كانت هذه الزهور الروحانية مستقرة على خياشيم الاله رع، والان على خياشيم الموتى.

 كما كان لديهم اعتقاد بأن زهرة اللوتس لها روح وجسد، وعندما تُقتلع من الارض المقدسة (هليوبولس)، تطير روحها وتستقر على خياشيم رع. هذه الزهور الروحانية التي تستقر على خياشيم رع توفر حماية لأنفاس الموتى عندما يعبرون العالم السفلي -- إقتباس: "أنا زهرة اللوتس التي خرجت من الارض المقدسة [هليوبولس]. عندما أقتلع، أذهب وأستقر على خياشيم الشخص العظيم [الاله رع].".

"I am the lotus which cometh out of the holy earth; when I am plucked, I settle myself at the nostrils of the Great Figure." (Peter Page, Book of the Dead, Ch.174, p.354).

وكانت لديهم أيضا زهور اللوتس الابيض، تطلع في الليل وتغطس تحت الماء في النهار، لا يوجد عنها ما يكفي من المعلومات لمعرفة وظيفتها، وربما هي زهور القمر.

الصورة على اليسار تظهر زورق القمر. لا يوجد فيه ركاب سوى القمر وحده! ربما يسير في نفس الطريق الذي يسير فيه زورق الشمس، وربما بالعكس. وليس معلوم ان كان يُبحر في زورقه كل يوم أو في ايام معدوادت فقط. وبسبب وجود القمر على رأس الاله خنسو (khensu) أو آه، يُعتقد انه إله القمر، وهو الظاهر في الصورة بحانب الزورق، صقر على رأسه القمر. كلمة آه (aah)، بحسب التراجم، تعني القمر. كلمة خنسو تعني «الذي يرحل» أو المتنقل، وتبدو كأنها صفة.

ولأن المعلومات عن القمر قليلة جدا، فإن قدسيته في ديانتهم لا تزال ضبابية جدا.

كتب المؤرخ الاغريقي هيرودوت ان المصريين كانوا يذبحون قربانا واحدا للقمر عندما يكتمل في نصف الشهر، وكان عبارة عن خنزير، ثم يأكلونه. ويقول انهم يعتبرون الخنزير حيوان نجس، وإذا لامس احدهم خنزير، ذهب واغتسل في النهر، ولكن القربان استثناء!

تقرير المؤرخ الاغريقي هيرودوت عن مصر
An Account of Egypt, by Herodotus
https://www.gutenberg.org/files/2131/2131-h/2131-h.htm

 

الخاتمــــــــــــــة



الرجل المتمدد، الميت، في الزورق، في الصورة المقابلة، هو أوزايريس، ويُعرف من شعاره ، والمرأة الواقفة بجواره هي زوجته أيزيس، وشعارها بجانبها.

أوزايريس هو العمود الفقري للديانة المصرية، "معطيا الحياة الابدية لكل من آمن به". رحلة العالم السفلي التي تتكرر كل يوم مع الاله رع، وبصحبته الذين ماتوا في ذلك اليوم، هي تقليد لرحلة أوزايريس من الدلتا الى أمنتي.

رمز الشمس يدخل في الزهرة الاولى ويخرج من الثانية، والرمزية هي ان الموتى، بما فيهم إله الشمس الميت، يدخلون الى العالم السفلي بواسطة زهور اللوتس، المزروعة في عين الشمس، في مدينة عين شمس، عندما تغطس الزهرة في الوحل بعد غروب الشمس، ثم يبحرون معه في زورق العالم السفلي الى الموقع الذي فيه أوزايريس، في غرب النيل، في واحة سيوه، ومن يجتاز الحساب في محكمة ازايريس يخرج من عين الشمس التي كانت في حديقة معبد أمون.

 

 

المشاهد في هذه الصورة تلخص كل ما يجري في العالم السفلي، الجزء في الاسفل لمشاهد الدخول، والجزء العلوي فيه مشاهد الخروج

 

 

مراجع البحث

End of Body

Script:DoPrintDlg